أن العميل اليوم يعرف الكيان بلونه، وأن المظهر الخارجي لـ العلامة التجارية يقرّر قرابة 90% من قرارات الشراء لدى العملاء.
فإذا كنت تريد أن تعلق بذاكرة وأذهان فئتك المستهدفة، فلم يعد عليك فقط أن تظهر لهم في كل مكان فحسب، بل أن تظهر بهيئة ونمط ثابت ومنتظم في كل مرة كذلك.
لعلك ترى خطًّا ما على خلفية ذات لون معين، فيتبادر في ذهنك لا إراديًا كيان أو شركة معيّنة حتى لو لم يظهر اسمها في الأفق. كخط أبيض على خلفية برتقالية أو صفراء، لعلها ماكدونالدز، أو خلفية حمراء ناريّة، فهي على الأغلب كوكا كولا أو فودافون، وهكذا.
هذا لأنك تعرّضت تكرارًا لهذا الخط بنفس النمط؛ ولذلك تشكّلت لديك هذه الرابطة، وهذا هو بالضبط الذي تريده أن يتكوّن في عقول عملائك… يروا لونًا أو خطًّا أو عنصرًا بصريًا ما، فتتشكّل في أذهانهم تلقائيًا صورة عنك وتتمثّل أمامهم.
أن يمكنهم التنبّؤ بوجودك حتى دون وجود اسم الشركة، سواءً كان مشروعك هذا مدونةً أو متجرًا إلكترونيًا أو فعليًا أو حتّى منتجًا ملموسًا.
في هذا المقال نمعن في تفصيل ما هي الهوية البصرية، وكيف تقوم بتنفيذها بشكل صحيح.
ما هي الهوية البصرية ؟
عندما يتعلّق الأمر بـ بناء العلامات التجارية، فما يراه العميل أو المستهلك هو ما يحصل عليه. أو على الأقل هذا ما يفكّر فيه أي مستهلك في سوق اليوم المزدحم.
فما الذي يجعل شركةً ذات حضور بصري وتسويقي رديء أن تحظى بثقته -وماله؟ لعله يفكر: إذا لم تتكلّف الشركة عناءً لتهتم بكيانها ومظهرها، فلم عليّ أن أتوقع أن تهتم باحترام ثقتي التي سأمنحها لها دونًا عن غيرها من المنافسين، أو على الأقل بتقديم الخدمة التي أتمناها؟
وعليه، فإن الذي يراه العميل هو ما يُعرف باسم الهوية البصرية.
الهوية البصرية هي كل المدخلات والمعلومات البصرية والمصوّرة التي تعبّر عن شخصيّة وكيان المشروع، وعناصر تميّزها وانفرادها عن غيرها.
وهذه المعلومات تشمل كل عنصر فعليّ يمكن للعميل أو المستهلك أن يراه، كالشعار الدعائي والتصميم الداخلي واللافتات وغيرها.
عادةً ما يتم تفصيل عناصر وأبعاد الهوية البصرية وتفاصيل تطويرها أثناء تحضير دليل تصميم العلامة التجارية أو Brand Style Guide.
هذا النموذج يزوّد أي فرد يعمل حول الهوية البصرية بالإرشادات اللازمة لاستخدامها بالطريقة المثالية التي تحافظ على تماسك وتناغم هوية العلامة التجارية في أي وقت وفي أي استخدام.
واليوم، وبخلاف أي وقتٍ آخر، فالمنافسة في السوق لم تعد تقتصر على طبيعة المنتج وجودته وكفاءة خدمة العملاء فحسب، بل على التميّز البصري للشركة وقدرتها على لفت أنظار المشترين.
ما يعني أن امتلاك هويّة بصرية استثنائية سيخلق انطباعًا عاطفيًا دائمًا في أذهان الجمهور المستهلك. وحتى إن لم يأخذ العميل الخطوة للشراء بعد، فإن ثمّة دافعًا وحافزًا قويًا تشكّل في ذهنه؛ لأنه أخذ فكرة عن طبيعة المنتج أو الخدمة التي تعرّض لها، والذي سيبقى عالقًا في ذاكرته حتى يقرر الشراء لاحقًا.
المهم أنه عندما يصبح عميلًا مرتادًا، يجب أن يجد أن كل جوانب الشركة أو المشروع تبدو (وتعمل) بنفس التناغم الأوّل الذي خلق عنده هذا الإلحاح بالشراء منذ البدء.
الآن تعرف ولو بشكل مبدئي ما هي الهوية البصرية، ولكن قبل أن نمضي قدمًا، من الضروري أن تعرف الفرق بين مسميْين هما الهوية البصرية – Visual Identity وهوية العلامة التجارية – Brand Identity.
الفرق بين الهوية البصرية وهوية العلامة التجارية
للهوية البصرية ارتباط جوهري بهوية العلامة التجارية، وهي جزء لا يتجزّا منها.
فمن ناحية، فإن هوية العلامة التجارية هي ذلك التعبير الشامل لكل شيء يجعل العلامة التجارية ما هي عليه. ويشمل ذلك العناصر غير البصرية كصوت العلامة التجارية في المحتوى والإعلانات، ومباديء العمل وبيان المهمة والرؤية وأنشطة التسويق وغيرها، بجانب العامل المرئي وهو الهويّة البصرية.
ما يعني أن الهوية البصرية هي جزء من كلّ كبير يسمّى العلامة التجارية وهويّتها، فلا يمكن أن تتصوّر نجاح سيارة لا تعمل معدّاتها بكفاءة فقط لأن لها تصميمًا بارعًا!
كل شيء يعمل تجاه تحقيق هدفٍ واحد، وهو تعزيز وعي وسمعة العلامة التجارية في أذهان المستقبلين المستهدفين.
وباختصار، فإن تصميم الهوية البصرية -وإن كانت جزءًا من هوية العلامة التجارية- فإنها تضمّ خطوات وعمليات مختلفة ويشرف عليها المصمّمون والمديرون الفنيون، على عكس هوية العلامة التجارية التي يشرف عليها غالبًا المسوّقون ومطوّرو الشركات.
الخلاصة: هوية العلامة التجارية تصف كيف تبدو العلامة التجارية من الداخل، بينما الهوية البصرية تعبّر عما تبدو عليه العلامة التجارية من الخارج.
عناصر الهوية البصرية
الهوية البصرية -كما قلنا- هي اللغة البصرية للعلامة التجارية، والتي تتكاتف عناصرها المنفردة، كالخطوط والألوان، لتبني وتوصل معنىً للمتلقيين.
ولتعرف ما هي الهوية البصرية وكيف تقوم بتنفيذها بشكل صحيح، عليك أولًا أن تعرف ما هي العناصر التي تشكّل هذه الهويّة، وكيف يمكنها أن تعمل معًا أو منفردةً لتوصّل الرسالة الكبرى التي ترغب أن توصّلها لعملائك.
1_ الرسومات/جرافيكس – Graphics
كلمة جرافيكس في الهويّة البصرية هي صور تم رسمها أو تصميمها.
يمكن لهذه الجرافيكس أو الرسومات أن تكون بسيطة للغاية كالأشكال أو النظم. فكر مثلًا في شكل مكعب الليجو أو زجاجة كوكا-كولا، وكيف أن هذه الأشكال تعبّر تمامًا عن طبيعة العلامات التجارية التي تمثّلها.
ويمكن للجرافيكس كذلك أن تكون أكثر تعقيدًا، كالشعار الدعائي والأيقونة أو الرسومات.
2_ الخط – Typography
فن الخط أو التايبوغرافيا هو تشكيل وتصميم النصوص داخل التصاميم، وفي حالتنا هذه، داخل العلامة التجارية. هناك ما لا يُحصى من أنواع الخطوط، وكل نوع له تأثيره الفريد على القاريء وقابليته للقراءة في الأوساط المرئية المختلفة.
وأثناء تصميم الهوية البصرية، يمكنك التفكير في تصميم شعار دعائي خطّي – Wordmark، وفي خطوط العنوان الرئيسي – Headline والهيكل – Body.
كل هذه الخطوط ينبغي أن تكون قابلة وسهلة القراءة، وأهمها الهيكل إذ ينبغي أن يعرف منها المتلقي كل شيء تريد أن توصله له.
3_ باقة الألوان – Color Palette
الألوان من العناصر الأكثر قوة وفعالية في خلق تأثير بصري وعاطفي كبير للمتلقين. بما لا يزيد عن ثلاثة ألوان -حسب نصائح خبراء التصميم.
لكل لون درجات وظلال وصبغات معينة، تستخدم كل منها -منفردةً أو مجتمعةً- بالتعبير عن العلامة التجارية ورسالتها وشخصيتها.
ما يعني أن العلامات التجارية لا تستخدم لوني الأحمر أو الأزرق هكذا ببساطة، بل لون Carmine أو لون Tiffany blue. ما يعني درجات مختلفة من اللون الأصلي.
على الرغم من أن باقة الألوان عادةً ما يبدأ استخدامها في الشعار الدعائي أول شيء، إلا أن الألوان ينبغي أن يتم استخدامها بشكل صحيح وفعّال لكل مواد وعناصر العلامة التجارية.
لذا، فعلى المصمّمين وروّاد الأعمال الاتفاق على لون رئيسي يصبح هو اللون الأساسي – Primary للعلامة التجارية، ولون ثانوي – Secondary لاستخدامه في الخلفيات وجانبيًا، ولون تأكيدي – Accent لإبراز العناصر المهمة كأزرار إجراء فعل CTA مثلًا.
تذكّر أن غياب الألوان كما في اللون الأبيض والأسود يعد خيارًا ممتازًا هو الآخر، فلا تخف من استخدامه.
4_ الصور – Imagery
تضمّ الصور المحتوى المرئي للعلامة التجارية، كالفوتوغرافيا والمقاطع لممثّلي ومتحدثي الشركة الذين يعملون كصورة حيّة للعلامة التجارية في جهودها الإعلانية.
عندما تقوم بتنفيذ هوية بصرية، عليك أن تستخدم فقط تلك الصور التي تمثّل شخصية العلامة التجارية أمام عملائها بكفاءة لا شيء غيرها.
يعني إذا كانت شركتك تتسم بالجديّة والموثوقيّة، فاختيارك للألوان الرنّانة كالأصفر والبرتقالي قد لا يكون أذكى شيء تفعله.
يمكنك اعتبار الصور كأقرب عنصر بصري يربط بينك وبين جمهورك المستهدف؛ لأن البشر يتفاعلون ويتعاطفون مع الوجوه البشرية مثلهم، ويريدون أن يروْا انعكاساتهم في العلامة التجارية التي يمنحونها ثقتهم الثمينة.
ما يعني أنك في هذه الحالة عليك أن تبحث عن خيارات ألوان قاتمة وداكنة، أو ألوان ذات طابع كلاسيكي أنيق كالذهبي مثلًا.
5_ العناصر الماديّة للعلامة التجارية – Physical brand assets
هي الأشياء والمواد الملموسة التي تساهم في خلق وتوثيق الهوية البصرية للعلامة التجارية على أرض الواقع.
قد لا تحتاجها بعض العلامات التجارية التي لا تمتلك حضورًا فعليًا على أرض الواقع، على عكس تلك المشاريع التي تمتلك مقرّات ومراكز وفروع أو حتى أكشاك صغيرة.
تتضمّن هذه المواد تصاميم واجهات المحال والمتاجر، والأزياء الموحّدة للعاملين -خصوصًا الذين يتعاملون مباشرةً مع العملاء والزبائن، والسيارات وأطقم العمل، وحتى لوازم الديكور والتفاصيل الصغيرة كالمفارش والأكياس وأطقم الطعام (في المطاعم خصيصًا).
أوجه استخدام الهوية البصرية
فكّر في العناصر البصرية السابقة التي ذكرناها كمكوّنات طهو طازجة. كل مكوّن منها تم اختياره بعناية وحرص، لكن ما قيمته وحده ما دام لم يُوضع مع المكونات الأخرى ليخرج ذلك الطبق الشهي المُنتظر؟
ذات الشيء للهوية البصرية؛ فكما قلنا سابقًا، الهوية البصرية هي المظهر الخارجي للعلامة التجارية. لا يعني أيّ منها شيئًا ما دام لم يتم وضعه في سياق بصري مناسب مع غيره من العناصر ليطرح جميعهم سردًا موحّدًا ومتناغمًا.
التصميم هو تلك العملية السحرية التي تأخذ العناصر السابقة وتقولبها في هوية متماسكة وموحّدة ذات معنى، والأهم، تعلق بالذاكرة.
ولتعرف ما هي الهوية البصرية وكيف تقوم بتنفيذها بشكل صحيح حقًا، عليك أن تعرف أين ينبغي عليك استخدامها.
إليك بعض النماذج..
1_ تصميم الشعار ومواد العلامة التجارية
الشعار الدعائي هو قلب الهوية البصرية النابض، وهو الرمز الرئيسي للعلامة التجارية، ويحدّد خيارات العناصر البصرية الأخرى كالجرافيكس والألوان والخطوط وغيرها.
وهذا التقسيم يتضمّن تحديد المواد الترويجية الأخرى كبطاقات العمل والترويسات وصور الأغلفة؛ كل هذا بغرض تمييز وإبراز العلامة التجارية عن غيرها.
2_ الإعلان
الإعلان هو ذلك النشاط الترويجي الذي تعتمد فيه الشركات على موادها البصرية للوصول والتفاعل مع عملائها المحتملين. يمكن أن يكون هذا في صورة منشورات وكتيبات ولافتات إعلانية وإعلانات متلفزة وصحافية وغيرها.
ولأن العملاء نادرًا ما يسعون لمطالعة إعلان بمحض إرادتهم، فإنه يتعيّن توظيف العناصر البصرية لتعمل معًا لتوضيح رسالة العلامة التجارية، وذلك من خلال إبهار وإمتاع -والأهم إقناع- المشاهدين.
3_ التصميم الرقمي وتصميم الويب
التصميم الرقمي هو تلك المساحة الافتراضية حيث يمكن لعملائك التفاعل مع هويّتك البصرية مباشرةً.
عادةً ما يتم توظيف العناصر البصرية في هذه المساحة في صور الموقع، وتصميم الواجهة، ومحتوى صفحات التواصل الاجتماعي، والرسوم (الثابتة والمتحركة)، والأيقونات، والأزرار… الخ.
ولأن الأدوات الرقمية مصمّمة ومطوّرة خصيصًا ليتم استخدامها، فإن دور الهوية البصرية هنا هو مساعدة المستخدم في إتمام مهمّتهم وتفاعلهم مع مشروعك سواء بالشراء أو الاستفسار أو غيره.
الآن إلى المهمة الأكبر، وهي استخدام هذه العناصر السابقة لتشكيل وتصميم هوية بصرية قوية ومتماسكة.
كيف تقوم بتنفيذ هوية بصرية بشكل صحيح
1_ حدّد هوية علامتك التجارية
هوية العلامة التجارية – Brand Identity هي ما ينبغي أن ترشدك في تصميم الهوية البصرية وليس العكس.
فالأصل أن دور العناصر البصرية هو التعبير عن علامتك التجارية، لذا من المنطقي أن تحدّد أولًا جوانب وجوهر هذه العلامة التي ترغب في التعبير عنها.
ورغم أنه ليس من الواجب أن تقرّر كل شيء بخصوص علامتك التجارية مرةً واحدةً (حيث تتطوّر العلامات التجارية مع الوقت)، غير أنه من الضروري أن تحدّد أساسيات استراتيجيّة علامتك التجارية.
وهي تشمل:
هذه الاسئلة، وعشرات غيرها، ستساعدك على النظر في أعماق علامتك التجارية كشخصية حقيقية، وعليها ستتمكّن من تحديد كيف يمكن لهذه الشخصية أن تظهر وتتكلم وتتعامل.
معاملة علامتك التجارية كشخص سيسهّل عليك تحديد العناصر البصرية التي تناسب شخصيته وتعبّر عنها أكثر شيء، وما العناصر التي عليك الابتعاد عنها.
2_ تعرّف على عناصر التصميم
سواءً كنت مصمّمًا أو رائد أعمال، فلك أن تعرف أن التصميم مثله كالكيمياء. تصنع أشياءً مدهشة عندما تمزج العناصر الصحيحة، بالشكل الصحيح وبالطريقة الصحيحة.
لتخلق هويّة بصرية تعني شيئًا لجمهورها، عليك أن تفهم وتتعوّد على الدلالات البصرية للعناصر.
هناك ستّة عناصر رئيسية تُستخدم في التصميم بشكل عام، بما فيه التصميم الداخلي والتصوير وغيره، وهي:
وبناءًا على طريقة استخدامها، تشكّل هذه العناصر روابط بصرية عاطفية لدى مَن يراها، بل وقد تبعث على ردّ فعل واستجابة. فئة قليلة فحسب من هذه العناصر -سويةً- هي التي ستناسب علامتك التجارية بعينها.
على سبيل المثال : بعض الخطوط التي تستخدمها العلامات التجارية توحي بالقِدم والكلاسيكية، بينما البعض الآخر يبعث على العصرية والحداثة. مثلها كالألوان كذلك، بعضها يوصل شعورًا بالشغف والحماس، بينما البعض يعبّر عن الهدوء والمسالمة.
وهنا يأتي دور التصميم. حيث يصبح الأداة التي تنتقي العنصر المناسب منفردًا وتدمجه مع غيره ليخلق سردًا بصريًا موحّدًا.
حتى إن لم تعمل على التصميم بنفسك، فمن الضروري أن تفهم طبيعة كل عنصر من هذه العناصر، وكيف يمكن توظيفها للأغراض الفنّية المختلفة.
3_ اطرح سردًا متكاملًا
كما تعرف، فوظيفة التصميم هو سرد الأفكار بصريًا. غير أنه يتعيّن على هذه الأفكار أن تأتي معًا وجنبًا إلى جنب لتطرح سردًا ملفتًا للأنظار. ولئن كانت للعناصر البصرية القدرة على جذب الانتباه، فللسرد قدرة على المشاركة والتأثير في البشر.
كل تصميم منوط بقصّة يرويها، ولكل قصة بطل ومعركة وطريق. قرّر مَن هو بطل روايتك، وامنحهم معركة وعقبة ليتجاوزوها. سواءً كان البطل هو عميلك ومعركته هو نقاط ضعفه، أو مشروعك نفسه ومعركته هو زحام منافسة العلامات التجارية التي تتجاهل احتياجات العميل.
ففي تصميم الشعار أو اللوجو مثلًا، الأشكال الهندسية تبعث على العصرية والتطور التقني أو البساطة. ما يخبر المتلقي بآلية العلامة التجارية في التعامل مع تحدياتها أو تحديات عصرها أو عملائها، وهو التقنيات الحديثة المُنجزة أو الابتعاد عن التقليدية المضجرة.
الصورة الملوّنة بألوان برّاقة للطبيعة أو أشخاص في حالة حركة تلمّح بالتفاؤل والنشاط والإقبال، وبها تخبر العلامة التجارية عن حماسها تجاه هدفٍ ما أو لتجاوز مشكلة.
بينما ذات الألوان الأبيض والأسود فتعطي شعورًا بالكلاسيكيّة أو الثقة، وبها تصوّر العلامة التجارية نفسها أو عميلها في حالة من الوثوق والحنكة.
الخلاصة هو أن تقوم تلك العناصر داخل الهوية البصرية بشيء واحد: أن تسرد، لا أن تقول.
4_ تمسّك بالبساطة
لعلك تريد أن تضع كل العناصر وكل الرسائل والقصص والأفكار داخل هويّتك البصرية لتتأكّد من أنك تخبر عميلك بكل شيء ولا تفوّت شيئًا.
لكن الأمور لا تسير بهذه الطريقة للأسف، فالخيارات الكثيرة التي يمكن أن تعتبرها نعمة، هي ذاتها التي قد تكون نقمة.
لديك شطر من الثانية لتلفت انتباه هذا المستهلك، وإن لم تفعل فسوف يتجاهلك للأبد. لذا، فعليك أن تفكّر في رسالة واحدة للمرة الواحدة.
لديك وقت محدود للغاية لتترك انطباعًا عند هذا المشتري المستهدف، سواءً رقميًا أو على أرفف المتاجر، وعليه يبقى من الضروري أن تركّز على أهم معلومة ينبغي أن يعرفها، وأن تبرزها في التصميم الذي تعتزمه.
فإذا كان التصميم ملصقًا عن إطلاق منتج أو خدمة جديدة على متجرك الإلكتروني، فليكن تصميم هذا المنتج أو اسم الخدمة هو الرسالة الكبرى التي يتلقّاها المستخدم أو المستهلك، ولتدعمه بقيّة العناصر البصرية الأخرى.
بالتأكيد على الصورة إذا كنت واقعية أن تكون ذات جودة مرتفعة، ولا بأس من تلاعب بسيط بالألوان لتقترب من باقة الألوان المختارة للعلامة التجارية -إن لزم الأمر. أو إذا كانت رسمًا، فلتوافق ارشادات الرسوم داخل الهوية البصرية بحيث لا تصبح رسومًا شاذة على عين المتابعين.
ليكن خط العنوان الرئيسي واضحًا ونظيفًا، وكذلك خط نص الهيكل أو جسم الملصق سهل القراءة، ولا يحتاج إلى عدسة مكبّرة أو جهد للقراءة.
فليكن صورة أو اسم المنتج على خلفية تتباين مع لونه؛ لتظهره وتبرز تفاصيله بشكل واضح حيث لا يمكن أن تخطئه عين المستهلك.
ربما يمكنك أن تضيف مساحةً فارغة كافية داخل التصميم أو حول صورة/اسم المنتج لتوجّه أنظار العملاء.
5_ وازن بين التناغم والتباين
ستتطوّر وتكبر علامتك التجارية مع الوقت، ومعها بالتوازي هويّتها البصرية، ولا بأس من هذا بالطبع. لكن التحدّي هنا هو أن تتأكّد أن جميع العناصر البصرية -على أيّة وسيط ولأية غرض وفي أيّ وقت- لا تزال جزءً لذات العلامة التجارية وتعمل جميعًا بتناغم لصالحها.
ولمثل هذه الأسباب، يصبح تدوين إرشادات تصميم العلامة التجارية أمرًا حرجًا للغاية.
وليكن أول مهمة لك بعد تنفيذ الهوية البصرية هي أن تدوّن آليات تنفيذها بدقة تامة لكي تتمكّن لاحقًا أنت وفريقك من الحفاظ على تناغمها.
التحدّي الآخر فيما يتعلّق بالتناغم البصري هو الوفرة.
عندما تكرّر العلامات التجارية نفسها ولا تكسر روتينها المعتاد، فإنها تختفي وتتلاشى. فالبشر بطبعهم يملّون الشيء الرتيب المتكرر وتعتاده أعينهم، ولا يلفت انتباههم إلا الجديد والبارز.
ورغم أننا نؤكّد على ضرورة التناغم في تصميم العلامة التجارية، إلا أن واحدة من أساسيات التصميم الناجح هو الفصل بين عناصر التصميم بما يُعرف باسم التباين – Contrast.
في أثناء تصميمك للهوية البصرية، استغل الفرص المناسبة لاستغلال التباين داخل علامتك التجارية لإحيائها وللفت أنظار جمهورها.
ربما يمكنك تبديل لون الخلفية بلون العناصر عليها، أو يمكنك الجمع بين الألوان الفاتحة والأخرى الداكنة، أو التباين بين الأشكال والأحجام، وغيرها.
6_ صمّم للوسيط الذي ستظهر عليه
تختلف الهوية البصرية لعلامة تجارية إلكترونية بلا شك عن أخرى لمتجر فعلي؛ حيث يختلف طريقة وأسباب توظيف العناصر البصرية داخلها، كالملمس مثلًا.
يمكن للوسيط الذي ستظهر عليه الهوية البصرية أن يغير تمامًا من ظهور العناصر البصرية نفسها؛ فقد تصبح الألوان أكثر سطوعًا على الشاشات منها على الورق المطبوع. بل وأن جودة الورق نفسها تختلف حسب نوعه ونوع الطباعة وخلافه.
وعليه، فعائلة خطوط Serif مثلًا تكون أكثر سهولة للقراءة في حالة الطباعة، بينما Sans-Serif هو الأسهل على شاشات الحواسيب، وهكذا.
تأكّد كذلك من أنه يمكن رؤية -وتمييز- شعارك الدعائي على جميع المنصّات سواءً الرقمية أو المطبوعة. حضّر نماذج لعرضه واستخدامه في حال تم استخدامه على الشاشات والأجهزة المختلفة، سواءً كانت لافتات إعلانية ضخمة أو شاشات هواتف صغيرة.
إذا كان شعارك يتكوّن من رمز ونصّ (اسم الشركة)، فحدّد متى ينبغي استخدام كليهما، ومتى يمكن -أو يجب- استخدام الرمز فحسب أو النص فحسب.
المهم ألّا تدع مجالًا للمفاجآت. وبدراسة وافية لعلامتك التجارية وبتخطيط جيّد، سيمكنك التنبّؤ بكل هذه الوسائط.
الخلاصة
الهوية البصرية هي أداة بالغة القدرة على طرح قصة علامتك التجارية وربطها بالجمهور الصحيح وبالطريقة الصحيحة.
ولأنها ذات تأثير واسع للتواصل، فعنصر خاطيء واحد قد يبعث رسالةً خاطئة بالكامل ويهدر جهودًا كبيرًا. لذا ففهمك لما هي الهوية البصرية وكيف تقوم بتنفيذها بشكل صحيح سيرشدك في رحلتك لتنفيذ هوية بصرية لا مثيل لها.